black blue and yellow textile

الكِتَابة

مُقدِمة, بِداية, نُبذة.

لستُ مُتأكدةً مَا إذ كَانت هَذهِ الصَفحة تَليقُ بعِنوانهَا فَ لَا أعتقِدُ أننِي جيدةً فِي

صِياغةِ مُقدمةٍ تشرحُ مَا ستُخلِّفهُ حرُوفِي لاحقًا لكِّنني سَأُبَاشِر بالحَديث فَقط.

سأُثرثرُ كثيرًا نوعًا مَا، لكِّن فِي الوَاقع، هُنَاك فَائدةٌ مِن ذَلك لأننِي أسكِبُ تجرُبتِي مُنذُ البِدايةِ حتَّى هَذهِ اللحظةِ التِّي لَا زِلتُ أُحاوِلُ الوصُولَ لمَا يَتبعُهَا مِن مَرحلةٍ تفُوق مَا أنَا عَليهِ الآن.

أعنِي، كُل مَا يُكتَب هُنَا سَيكُونُ حَدِيثي وحدِي دُون شيءٍ خَارجِي، أيِّ أنَنِي وَاضعتُ كَامل جُهدِي فِي مُحاولةٍ لمُساعدةِ الكَاتِب هُنَا ..


عَلى أيِّ حَال؛ الكِتابة لَيست مُجردَ نقشِ حرُوف عَلى وَرق، بَل هِي تحمِلُ شيئًا مُختلفًا عَن المُعتَاد، كَأنَّ حَديثَ الرُوحِ يُطبعُ عَلى صَفحاتٍ بيضَاءٍ لتلفحهَا كلمَاتٌ لَا يُمكنهَا أَن تعبُر مِن فكرِ القَارئ دُون أَن يستوقِفَ تمريرَ عَينيهُ فِي السطُور ويَتأمَّلُ مَا وُجد ..

إنهَا تمتلكُ رُوحًا مُختلِفة، حَديثًا لَا يُمكنُ نِسيانهُ،

وأثرٌ يُرسم فِي جوفِ غَرِيب، وعبقٌ سيلفحُ الأرجَاء

مَا أَن تُقرأ الحرُوف.

لِذلك لَيس كُل مَن يكتُب كَاتِب.

فِي الحقِيقة، لَا أحبُذ رؤيةَ ذَلك، كُل مَن بَات يطبعُ

حرُوفهُ فِي قصةٍ مَا، دُعيَ بالكَاتِب، أعنِي .. لِمَاذَا لَا

نستطِيعُ التفرِيقَ بينَ الحقِيقي والمُزيف ؟.

حسنًا، قَد تكُون كَلمة مُزيف مُزعجةٌ نوعًا مَا لكِّنهَا الحقِيقة،

حتَّى أنَا عندمَا كُنتُ فِي سنٍ صغِيرة سمَّيتُ ذَاتِي بالكَاتِبة فِي حِين أننِي لَم أُكمِل كِتابة صَفحةٍ وَاحدة ..

ذَلك سخِيف، ومُضحكٌ نوعًا مَا.

لكِّنني أدرَكتُ فِي لحظةٍ مَا أننِي لَستُ كَاتِبة.

بَل شخصًا يطبعُ حرُوفًا سخِيفة مِن أجلِ المُتعة.

نَعم، أنتقِدُ ذَاتِي الصغِيرة قَبل أَن يَفعل أحدٌ آخر.

مُلاحظة : سأصفعُ رَأسَ النَّاقِد عَن طرِيق الخَطأ إن حَاول قَولَ شيءٍ لِي.

لا أُشيرُ للمُتعةِ بِشيءٍ خَاطئ، بَل أننِي حتَّى الآن أكتُب فِي بعضِ الأحيَانِ مِن أجلهَا لأننِي أحبُذ ذَلك لكِّنني فِي ذَلك الوَقت .. حسنًا، أشعُر بالخَجل قليلًا لكِّن مَا كَان يُصاغ سخيفٌ للغَاية وبتعبيرٍ سَيء.

لكِّننِي لَا أجِدُ مَا يمنعُنِي عَن قولِهِ

والإفصَاحِ عنهُ فَ أنَا وَصلتُ إلَى هَذهِ المَرحلةِ مِن

الكِتابةِ بفضلِ الله ثُمَّ اللحظة التِّي أمسكتُ بهَا

قَلمِي.

حسنًا، لنعُود إلَى الكِتابة؛ نختلِفُ فِي طُرقنَا حِينَ تَبدأ أقلَامُنَا بطبعِ حبرهَا عَلى الوَرق، حَيثُ أنَّ بَعضنَا قَد يكُتب مِن أجلِ المُتعةِ كمَا أفعَلُ سَابقًا وحتََّى الآن، مِن المُمكن أيضًا أَن تكُون تفريغًا لشعُورٍ فِي الخَافِق حِينَ تكُون حبِيس الكتمَان، إضَافةً .. مِن دُون سَبب.

لَيس عَلينَا تحديدُ هدفِ كِتابتنَا لأننِي سنجِدُه

فِي يومَ مَا، ذَلك مَا فعلتهُ أنَا حتَّى وجدتُ طرِيقي

الذِّي أُريدُه.

العديدُ مِن مَن يعرفُوننِي، يعلمُونَ جيدًا أنَّ كِتابي المُفضل هُو الليَّالِي البيضَاء لكَاتبي الذِّي أحبُذه؛ فيُودُور دُوستوِيفسكِي ..

فِي الحقِيقة؛ هُو السَبب الذِّي جَعلنِي أجِدُ طرِيقي.

أتذكرُ فِي ليلةٍ مُزعجة، بَدأتُ فِي قراءةِ بضعِ كُتبٍ للبقَاءِ فِي بُقاعِ السُطور التِّي تجعلُ مِن قَلبِي ينبضُ بمشاعرٍ مُختلِفة، لكِّنني لَم أجِد مَا أحبُذه وبِتُّ لَا أجِدُ مَا يجعلُنِي أغرَقُ بينَ كلمَاتهِ حتَّى لَمحت عَينيَّ كِتابًا مُختلفًا رغبتُ فِي قِراءتهِ مُنذُ فترةٍ طوِيلة ..

الليَّالِي البيضَاء؛ لمعَت حَدقتيَّ عندمَا بدأتُ فِي

قراءةِ أولِّ سَطرٍ حتَّى بَدأتُ فِي تقلِيب صفحَاتهِ لأجِدنِي

بينَ الغَرقِ والنجَاةِ أسيرةٌ ومحصُورةٌ فِي القرَار.

مَا الشعُور الذِّي يلمِسُ قَلبِي ؟ أيُّ حديثٍ

يجعلُ مِن عَينيَّ تَلمعُ وتجمعُ مِياه مَدمعيَّ فِي مُقلتيِّ ؟

شيءٌ غَيرُ اعتيَادِي، مُبهَّم، مُختلِف، لَم أُجربهُ سَابقًا.

تَابعتُ القِراءة ولَم أستطِع التوقُّف، حتَّى وجدتُنِي

فِي النهايةِ أُغلِقُ الكِتاب وأحدِّجُ الفرَاغ ببعثرةٍ مِن

مَا سُكبَ فِي جوفِي ..

حِينهَا سَألتُ ذَاتِي؛ كَيف لحرُوفٍ أَن تجعلنِي بهَذا

الحَال ؟ فِي لحظةٍ لَم أشعُر بِشيءٍ لِماذَا كاتبٌ لَم يَسبُق

لِي قِراءةَ كُتبهِ جعلنِي بِهذَا الحَال ؟.

حِينهَا، علمتُ جيدًا أنَّ الكِتابة لَيست مُجردَ حرُوفٍ

عَلى وَرق، بَل هِي حياةٌ أُخرى لَا يُتقنهَا إلَّا الكَاتِب ..

تَفاقمت رَغبتِي فِي تِلكَ اللحظةِ أَن أكُون كَاتبًا

لَا يَشبهُ أحَد، كَاتبةً تنقِشُ رُوحهَا فِي حرُوفهَا

ليستشعِر القَارئُ مَا جَربتهُ.

أّن يذُوقَ الكلمَات ويُخبئهَا فِي قَلبه، أَن

يعِيش لحظاتًا مُختلِفة تجعلهُ مفصُولًا عَن الوَاقع،

أَن يجِدَ ذَاتهُ بَين سُطورِ كَاتبٍ غرِيب لَا يَعرفهُ ..

فِي الحقِيقة، لَقد وجدتُ أسلُوبِي بعَد قِراءتِي

لكُتبِ دُوستوِيفسكي، لَا أقصِدُ بِذَلك أننِي قُمتُ بتقلِيدهِ

واستنسَاخِ مَا يكتُبهُ، لكِّنني أنذَاك علمتُ جيدًا مَا أُريدهُ

فِي طرِيقي أثنَاء الكِتابة.

أن أجعلَ قَارئِي يَشعُر بمَا لَمسَ

قَلبِي حِينَ قرَأتُ الليالِي البيضَاء.

لَم أنعَت ذَاتِي مُجددًا بكَلمةِ كَاتِبة، حتَّى وَصلتُ

إلَى هَذهِ اللحظةِ التِّي بِتُّ نوعًا مَا مُتيقنةً مِن أننِي

أستحِّقُ ذَلك.

أنَا كَاتِبة.

كَان وقعُهَا غرِيب ومُختلِف.

نقِيضَ فرَاغِ الشعُورِ حِينَ كُنتُ مُجرد طِفلةَ صغِيرة

تَهوى الكِتابة ولَا تُكمِلُ الصَفحة ثُمَّ تُلقي الوَرق

دُونَ أيِّ مُبَالاة.

أعتقِدُ أنَّ المَرء حِينَ يجِدُ أسلُوبًا يَشبههُ فِي الكِتابة ثُمَّ يُتقِنهُ ويُصبح شيئًا خَاصًا بهِ، سَيُصبح كاتبًا مُختلفًا ومُميزًا، لَستُ مُتأكدةً مَا إذ كَانت حرُوفِي تصِلُ مَا فِي جوفِي مِن حديثٍ لكِّننِي أُحاوِلُ تفسيرهُ بطرِيقةٍ جَيدة حتَّى لَا يُساء فهمِي كمَا يحدُث كثيرًا.

فِي الحقِيقة، لَستُ مُجبرةً عَلى الحَديث حِيَال كُل هَذا لكِّننِي أُريدُ مُساعَدةَ مَن بَات يرسُم خُطواتهُ الأُولى فِي طرِيق الكِتابة ولَا يجِدُ يدًا تدلهُ عَلى مَا قَد يجعلُهُ يصعدُ لعتَباتٍ مُختلِفة .. كمَا كُنتُ أنَا سَابقًا.

بِدايةً، لَم تكُن مُقدمةً جَيدة، بَل تبدُو حديثًا فَارغًا، لكِّنهَا فِي الوَاقِع تحمِلُ هدفًا وَاضحًا نوعًا مَا؛ أُشيرُ بِذَلك إلَى نُقطةِ إنطلَاقِ الكَاتِب، هَدفهُ، رغبتهُ، ثُمَّ أخيرًا أسلُوبهُ الخَاص ..

لَيس الكَثيرُ موجودًا فِي هَذهِ الصفحةِ

لكِّنني سأنطِقُ بالعدِيد فِي سطورٍ أُخرى،

حَيثُ أننِي سَأُحاوِل الحديثَ عَن الكِتابةِ

مِن أنحاءٍ مُختلِفة.

لِذلك أمتَلكُ بعضَ الثِقة أنَّ الكَاتِب

المُبتدئ حِينَ يَقرأ مَا كُتبَ هُنَا ويُطبِّق

حَدِيثي سيُصبح فِي مُستوى مُختلِف

ولَو بالقلِيل.

حسنًا، أشعُر أننِي نوعًا مَا

تحدثتُ كَثيرًا ويَجُب عَليَّ

اختتَام هَذهِ المُقدِّمة،

الغرِيبة الآن.

وداعًا.